هلال بن سالم السياني؛ الشاعر العماني المعتز بوطنيته وعروبته، المتخذ من الشعر وسيلة للتعبير عن الهم الوطني والقومي، فجّرت غيرته على الإسلام قصيدة وجهها إلى الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" عقب تصريحاته ضد الدين الإسلامي.
وتحت عنوان "إلى باريس.. مدينة النور" جاءت قصيدة للشاعر هلال السيابي، لتكون بمثابة رفض وغضب وانتفاضة ضد الرئيس الفرنسي، الذي أعلن أنَّ فرنسا لن تتخلّى عن "الرسوم الكاريكاتيرية" المسيئة للنبي محمد والدين الإسلامي، لتكون رسالة لـ«ماكرون»: "إلا رسول الله".
أبيات قصيدة "إلى باريس .. مدينة النور"
باريس كم قد تغنّت باسمك العُصُر
وكم رمى الكونَ منكِ الحُورُ والحَوَر
إذا ذكرنا البيان الفرد نبّهنا
إلى جلالك تلك الأنجم الزهُر
وإن أتينا إلى التاريخ ننشده
أجاب والمجد باد والعلا قدَر !!
أيدٍ كمؤتلق البدرين خافقة
على العصور ، وما ألوتْ بها العُصُر
" هوجو " و " مولير" عنوان لكوكبة
من النجوم ، وما أدراك ما النفَر!!
و ليس تنسى لفولتير براعته
لكن بجارودي كان العقل يفتخر
بمثلهم قامت الدنيا وما قعدت
إذا البيان ببيض الهند يشتجر !!
فما لباريس من بعد الجلال غدت
لا سورَ للعقل يحميها ولا سُرُر !!
طاحت بكفّ غلام لا خلاق له
كما تَفَلَّتُ من أوتادها الحُمُر
ما إن يُرى في تراث 'السين' غير شَباً
على الجزائر أرساها الألى غدروا
وما رأى أبدا للسين منقبةً
إلا التي فجّرتها العصبة الفجر
كأنما القتل والإجرام منقبة
- يا ويحهم - و فخار إن هم افتخروا
خانوا المسيح وكانوا باسمه افتتحوا
غُلْب الديار ، ولم تحمد لهم سِيَر !!
سل الجزائر عنهم ، وارو قصتهم
يجبك دمع من التاريخ منهمر
لم يبق من حجَر لم يشك فعلتهم
آهٍ اذا ما بكى التاريخ والحجر
واليوم يهذي غلام السين معتقداً
بأنه قيصر لو خانه القِصَر
سحقاً لمثلك يا مكرون من قزم
لم يُدرَ هل هو أنثى صاح أم ذكر !!
غلا بك الجهل أم غالى بك البطر
مكرون ، أم غالبتك الكأس والوتَر
فقلت ما قلت لا تدري حقيقة ما
تقول ، أنّى يعي السكران والخَمِر
عيناك لم تريا مجداً لأمتنا
فتستفيق ، ولا أوحت لك العصُر
رأيتنا وخريف العمر يغمرنا
فسدّ جفنيك منّا تلكم الغُمَر
أما علمت بأن الدهر من كرة
وأنه أبداً تهفو به الأكر
ولو تذكٌَرتَ يوماً من أسنّتنا
على الجزائر لانقدٌَت بك الذٌِكَر
أجل .. لقد صلتمُ جورا ومظلمة
لكنه البغي لا يبقي ولا يذر
فذقتمُ الكأس مرّاً من أساودنا
حتى نفرتم كما قد تفعل الحُمُر
باريس أين الهوى العذريّ ساطعةً
نجومه الشمٌُ ، أو أعلامُه الزٌُهُر
أين الألى مجٌَدَ التاريخ موكبهم
وأين من وردوا البدرين أو صدروا
رعياً ل"جوستاف " كم نارت بموكبه "حضارة العرب" واستعلت به الأطر !
قد قال قولته ، والحق يعضده
ومن شمائلنا الحسنى له وزَر !
لم يعرف الدهر مثل العُرْب في خلق
أنّى غزوا ، ومتى غاروا أوِ انتصروا !!
بمثله أبدا طلتِ السها قدراً
باريس ، وانعقدت من حولك الأزر
حتى غدوت ملاذاً للورى وحمى
و منزلا دونه المرّيخ والقمر !!
ياسيدي يارسول الله معذرة
فأنت أعظم - خير الخلقِ - من عذروا !
إنا لنعلم لو صالوا ولو جمحوا
فكل ذاك هباء ماله أثر !!
لا تسمع الشهب أصوات الكلاب وإن
دوٌَى النباح بها أو هرٌَت الهِرَر !
قريش من قبل قد زاغت وقد أثمت
بما حداها اليه الزور والخَوَر !
فأسفر الدهر عنهم والقليب لهم
مأوى ، وأنت على المريخ تأتمر !!
يا "طيّب " الذكر يا ابن المجد من قِدَم
أبشر فقد ناصرتك الآيُ والسور
وقفت وقفة ليث معلم فعوت
سود الكلاب وخارت تلكم الحُمُر
قد كنت وحدك في الجُلّى وصاحبَها
فاضرب بدرّتك الشمّاء يا عمر !!
والشاعر العماني؛ هلال بن سالم السيابي؛ أحد فرسان الشعر العربي الأصيل، تربطه بالشعر القديم علاقة وطيدة فهي أواصر عشق واستلهام وإعجاب وولاء، يمتلك ناصية اللغة، ومتكنًا من أدواته اللغوية تميز شعره بالفصاحة والغزارة.
ولد هلال بن سالم بن حمود السيابي، في حصن مدينة نخل العمانية عام 1947، وتتلمذ في مدرسة والده وخاله الشيخ سعيد بن خلف الخروصي، والشيخ خلفان بن جميل السيابي، عمل في التدريس، كما كان سفيرًا لعمان في دول عدة.
شغل هلال السيابي، الهم الوطني والهم القومي، عبر بشعره عما يشعر به من أسى جارف لما آلت إليه حال الأمة العربية من ترد وضعف وفرقة، وما يطمح إليه من أمل في النهضة واسترجاع ما غبر من ماضي الأمة المجيد.
من قصائده، تستنبط أنه شاعر يعتز بوطنيته وعروبته، حيث عبر عن ذلك في قصائد كثيرة خص بها عمان والدول العربية التي تنقل بينها وخص الأقطار العربية وعواصمها بقصائد تفصح عن شاعرية متميزة، وموهبة نادرة.
ويضم مخطوطة ديوان الشاعر "السيابي" أكثر من 100 قصيدة نصفها في الوطنيات ومثلها في القوميات، وكأن الشاعر وقف شعره على حب وطنه وقومه.
يشار إلى أن، حالة من الغضب العارمة التي سيطرت على المواطنين جراء انتشار تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ضد الدين الاسلامي، ومن هنا تصدر هاشتاج إلا رسول الله عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة.
كان ماكرون، قال خلال مراسم تأبين المعلم الذي قتل مؤخرًا بعد عرضه صوراً مسيئة للرسول ﷺ، صاموئيل باتي: إن "الإسلام يعيش اليوم أزمة في كل مكان بالعالم"، مضيفاً أن على فرنسا التصدي لما وصفها بـ"الانعزالية الإسلامية الساعية إلى إقامة نظام مواز وإنكار الجمهورية الفرنسية".
وشدد الرئيس الفرنسي في كلمة مقتضبة على دور المدرس وشخصيته وخصاله، قائلاً إن صاموئيل باتي قتل "لأنه كان يجسد الجمهورية"، وإنه "بات (اليوم) وجه الجمهورية".
وأكد ماكرون أن فرنسا لن تتخلى "عن نشر الرسومات الساخرة"، ولن تخضع للتهديدات، في إشارة إلى الرسومات المسيئة للإسلام.
وأضاف: "الإسلاميون يفرقون بين مؤمن وكافر، فيما كان باتي يؤمن بالمواطنة والجمهورية والحرية"، مشيراً إلى أن الإسلاميين لن "يقتلوا مستقبل فرنسا"، وأشاد بوجود "أبطال هادئين" مثل صاموئيل باتي لحمايتها.
وقتل صاموئيل باتي، الجمعة (16 أكتوبر 2020)، بقطع رأسه على يد لاجئ روسي من أصل شيشاني، يبلغ 18 عامًا في ضاحية "كونفلان سانت-أونورين" الواقعة غربي العاصمة باريس.